close
فنون

كريمان.. فنانة بجمال تركي كشفت ألاعيب “دجال” وعشقت المقالب في الكواليس واعتزلت الفن بعد 12 عامًا من أجل رجليّن.. صور في الشباب والشيخوخة

فتاة تجمع بين الجمال اللبناني والفتنة التركية.. هذا إلى جانب خفة الظلّ والروح وموهبة فنية مشتعلة بالحماس والصدق، فلك أن تتخيل بعد ذلك كيف تكون هذه الفتاة؟؟ من المؤكد أنها ستصبح نجمة تخطف العيون والقلوب وتحفر اسمها بين نجمات جيلها، وهذا ما تمكنت الوسيمة كاريمان من تحقيقه، فنجحت في أن تكون إحدى بطلات الخمسينات وأن تشارك نجومًا كبار أبرز أعمالهم الفنية فوقفت إلى جانب رشدي أباظة وأحمد رمزي وكمال الشناوي ويوسف فخر الدين وغيرهم، فنافست جميلات من أمثال فاتن حمامة وشادية وسعاد حسني.

اسمها الحقيقي كريمان محمد سالم ولدت في 18 ديسمبر عام 1936 بالقاهرة لعائلة من أصول تركية، وعن ذلك تروي كريمان أنها وهي في سن التاسعة من عمرها زارت أقارب لها في تركيا، وتصادف وقتها حلول شهر رمضان المبارك مع فصل الصيف، فقررت أن تصومه للمرة الأولى، لكن عمّتها أشفقت عليها من الصوم مع حرارة الطقس وهي بعد طفلة صغيرة، فعرضت عليها الإفطار على أن تصوم العام المقبل، ولكنها رفضت وأصرّت على الصيام.

عمة الفنانة المصرية وضعت خطة مع شقيقها، والد كريمان، لإثنائها عن الصيام، وهي أن يتركاها نائمة فلا تشاركهما طعام «السحور»، وبالتالي لا تستطيع تحمل الجوع والعطش طوال اليوم، ولكن كريمان علمت بالمقلب المُدبر وبقيت مستيقظة طول الليل تقاوم النعاس، حتى حان موعد «السحور»، وأحست بهم يتسللون إلى غرفة الطعام وهم يتهامسون، ففاجأتهم وخرجت من غرفتها وجلست على مائدة الطعام وهم ينظرون إليها بدهشة يكتمون ضحكاتهم، بعد أن فشلت خطتهم وتحقق للطفلة ما أرادت.

درست كريمان في مدرسة الليسيه وهناك نمت موهبتها الفنية، فبرعت من خلال مسرح المدرسة ثم شاركت في الإذاعة في “ركن الأطفال” مع الإعلامي الكبير “بابا شارو”، الذي تنبأ لها بمستقبل فني حافل .

وتمرّ السنوات وتكبر الطفلة الصغيرة ويكبر داخلها حبها للفن، وذات يوم قرأت في الصحف عن مسابقة تنظمها المنتجة اللبنانية آسيا داغر لاختيار بطلة فيلمها الجديد، فتقدمت كريمان لتجد المئات من المشاركات، لكن آسيا أعجبت كثيرًا بها خلال اللقاء الأول، وطلبت منها الحضور في اليوم التالي لإجراء اختبار فني.

وتروي كريمان في حوارها لإحدى المجلات الفنية أنه بعد انتهاء الاختبار زارت إحدى صديقاتها المقربات، وهناك التقت مصادفة برجل عجوز يرتدي ملابس فضفاضة أقرب إلى “الدراويش” وبيده مسبحة يُحصي حبّاتها، وفور أن رآها حتى تبسّم قائلًا: أزيك يا ست كريمان.. عملتي إيه في الاستديو امبارح.. اطمني أنتي ناجحة وهتمثلي بعد أسبوعين.

وبعد أن انفردت كريمان بصديقتها عرفت منها هوية ذلك الشيخ عباس؛ حيث أكدت لها أنه رجل طاهر مكشوف عنه الحجاب، فسخرت منه واتهمتها بالجنون وقالت لها: إنه لابد دجال مشعوذ، ولكن ساورها الشك؛ حيث لا أحد يعرف بإجرائها “اختبار كاميرا” وانتظارها موافقة المخرج على بطولة أول أفلامها السينمائية.

وبعد خروجهما من الغرفة التقته مجددًا وعاتبها أن نعتته بتلك الصفات، فتعجبت بشدة؛ لأنه لم يكن باستطاعة أحد أن يسمع حديثهما، فآمنت بقدراته واعتذرت له بشدة، وأخبرها أنها ستنجح في الاختبار وستصبح نجمة يلتف حولها المنتجون، وحينما حاولت إعطائه بعض النقود رفض بشدة قائلًا: يابنتي أن راجل بتاع ربنا وبس، الفلوس دي زخرف زائل.

يوم السابق لحلول شهر رمضان المبارك، فذهبت في الموعد ووقفت أمام الكاميرا رابطة الجأش، وعندما انتهى التصوير طلبت آسيا تحميض الفيلم بسرعة حتى تعلن لها النتيجة، وبعد 5 ساعات من الانتظار زفّت الخبر إلى الممثلة الشابة ووالدها، وتعاقدت معها على الفيلم بعربون 100 جنيه، وتضيف: وغادرتُ الاستديو في المساء وأنا في غاية الفرح، وقلت لأبي ونحن في الطريق إلى البيت: أريد أن أحمل هدايا لإخوتي احتفالًا بهذا التوفيق، فأخبرني أبي قائلًا: فكري أنت في نوع هذه الهدايا.

وقالت كريمان: وجدت أن أحسن هدية هي أن أشتري لهم فوانيس رمضان، وفعلًا اشتريت 20 فانوسًا، فلما رأى أبي كل هذا العدد من الفوانيس سألني في دهشة: ليه كل ده؟! فذكرت له كل أسماء أولاد الجيران الصغار.

ولما عادت إلى البيت راحت توزع الفوانيس عليهم، وما هي سوى لحظات حتى وجدت الشارع كله مضيئًا بالفوانيس، والأطفال يزحفون إلى بيتها منشدين: لولا كريمة ما جينا يالا الغفار.. ولا تعبنا رجلينا.. يالا الغفار.

وخرجت الفنانة الشابة إلى الشرفة وألقت على الأطفال بـ”قروش التعريفة” وهي في غاية السرور والبهجة، وشيء راقص في نفسها يدعوها للنزول إلى الشارع لتشارك الأطفال سعادتهم بالفوانيس، وكادت تنزل بالفعل لولا أن والدها أمسك بذراعيها قائلًا وهو يبتسم فرحًا: “ما تنسيش إنك بقيتي نجمة سينمائية”.

وفي هذه اللحظة أحست أن هذا العمل الجديد سيحرمها من متعة كانت تستمتع بها في الماضي.

تذكرت كريمان نبوءة الشيخ عباس وكيف أنها تفوقت على المشاركات في الاختبار بجمالها وثقافتها وأناقتها وموهبتها، وأعجبت داغر بجمالها وموهبتها الفنية، واكتشفتها وقدمتها في أول أفلامها “الحموات الفاتنات” مع كمال الشناوي، وقررت مكافأته لكنها بدأت التصوير وفي غمرة انشغالها نسيت هديته، وحينما وقعت لها إصابة في قدمها خلال التصوير، أحسّت أنه عقاب من الله، فأرسلت له في اليوم التالي هدية فخمة من الملابس التي اعتاد ارتدائها وبضعة جنيهات.

وأرسل لها الشيخ عباس في المقابل بعض النصائح والنبوءات، التي تحققت فيما بعد، ورغم ذلك لم تستطع كاريمان الوثوق به تمامًا، حتى عرفت السرّ من صديقتها؛ فقد اكتشفت أمره من مربيتها العجوز، فمربية صديقتها كانت ضحية لذلك الشيخ النصاب، الذي كان يستدرجها عاطفيًا لمعرفة كل التفاصيل عن الفتاتين، وما يستجد في حياتهما من أمور، وكان هو شديد الذكاء يجيد تحليل هذه المعلومات وتصبح لديه القدرة على الاستنتاج والتنبؤ بكل شيء.. فعادت كريمان من جديد لا تؤمن بالخرافات والدجالين.

وبسبب جمالها وملامحها الأنثوية اللافتة وخفة ظلها حصرها المخرجون في أدوار البنت الشقية والتي برعت فيها بقوة، لكن لم تكن شقاوتها أمام الكاميرا فقط بل كانت خلال كواليس أفلامها، حيث اشتهرت بمقالبها الطريفة مع فريق العمل الذي تقوم بتصويره، وروت أنها كانت تحرص على الهروب من المجهود المضني والإرهاق من أضواء الكاميرا الحارقة بوسائل عديدة للترفيه وقد اهتدت إلى أفضل الطرق بالعودة إلى شقاوة زمان”.

كريمان روت بعض من تلك المواقف لمجلة «الكواكب» بعددها الصادر في 13 نوفمبر عام 1957، وجاء فيها أنه ذات مرة كان يقتضي أحد المشاهد أن يتناول بطل الفيلم كمية كبيرة من الطعام بطريقة مثيرة للضحك، وتكرر تصوير هذا المنظر عدة مرات بسبب الأخطاء التي كان يقع فيها البطل أثناء إلقاء الحوار.

الفنانة المصرية أرهقت كثيرًا من تكرار التصوير، فأرادت أن تنتقم من البطل بعد الانتهاء من المشهد، وبالفعل قدمت إليه أثناء الاستراحة قطعة جاتوه، وما كاد يلتهمها بطريقته المعتادة، حتى صرخ من شدة الألم وسالت دموعه؛ فقد حشت كريمان تلك الحلوى بالشطة التي ألهبت فمه.

مخرج العمل بعدما اكتشف مقلبها طار فرحًا وهو يقول: «برافووو.. علشان يبقى يحفظ الدور كويس ويبطل أكل».

مقلب آخر خلال تصوير أحد الأفلام على حوض حمام السباحة، إذ قامت النجمة الشقية بتدبير أحد المقالب الطريفة لأحد الممثلين الذين اشتركوا معها في الفيلم، وكان ضخم البنيان ومن المفترض أن تلقِ به في الحوض.

هذا الفنان، الذي لم تذكر كريمان اسمه خلال حديثها لمجلة «الكواكب» عام 1957، حرص قبل التصوير على استغلال قدراته البدنية في دفع العديد من طاقم الفيلم في الحوض، لذلك قررت الانتقام منه بحيلة طريفة وبنفس الطريقة التي اعتادها مع الآخرين؛ ولتعطيه في الوقت نفسه درسًا في التواضع.

النجمة المصرية اتفقت مع إحدى زميلاتها على دفع صديقهم، كما هو مقرر بالسيناريو، ولكنهم أضافوا إلى أيديهم بعض “الدبابيس” لذلك قام بالصراخ والجري قبل أن يفقز في الماء، وأعجب المخرج بذلك المشهد وقام بتعديل السيناريو وفق ما تم تصويره بالفعل.

وبالإضافة إلى موهبتها التمثيلية، كانت الفنانة كريمان تمتلك صوتًا جميلًا وموهبة غنائية لافتة، حيث أنها تلقت دروسًا في الموسيقى على أيدي كبار الملحنين أبرزهم محمد الموجي وغنّت بصوتها في عدة أفلام.

الحس النقدي الفكاهي الذي كانت تتمتع به الفنانة المصرية جعلها ترفض 6 خُطاب تقدموا لأبيها لطلب يدها في عام واحد، وكان من بينهم أطباء ومحامون وذوو مراكز اجتماعية مرموقة، ولكن رؤيتها الساخرة كانت الحائل بينها وبينهم.

ومع ذلك اعترفت كريمان أنهم كانوا جيدين ولكنها كانت ماتزال في سن صغير وحكمها على الأمور قد لا يكون صائبًا آنذاك، وأضافت: وعندما أجد نفسي أهلًا لذلك سوف أحدد أهدافي في هذه المسألة بمنتهى الدقة.

مشوارها الفني كان قصيرًا للغاية من عام 1953 وحتى عام 1965 وهوعام اعتزالها الفن والأضواء تمامًا أي بعد 12 عاماً فقط اختارت الحياة الأسرية وفضلتها عن الاستمرار في الفن، فبعد غياب أكثر من 55 عاماً ظهرت الفنانة المعتزلة وكانت لاتزال تحتفظ بجمالها وطلتها المبهجة وخفة ظلها رغم مرور كل هذه السنين الطويلة ورغم تقدمها في العمر.

وأكدت في تصريحاتها أنها تركت الفن بعد زواجها وإنجاب ابنها الوحيد “شيرين”، موضحة: “اتدلعت شوية وعملت بالفن فترة وبعدين قلت سلام عليكم وتركته بعد زواجي وإنجابي لابني الأوحد شيرين”، وذكرت أنها لا تشعر بأي ندم بعد مرور هذه السنوات، على الرغم من أنها تركت الفن وهي لازالت في قمة شهرتها وشبابها.

إحدى الصفحات الفنية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” استطاعت أن تحصل على صورة نادرة لكاريمان وهي في سن الشيخوخة، وقد بدا تغير كبير على طلتها وإن لازالت تتمتع بلمحة من جمالها الماضي.

اعلانات جبنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى