close
فنون

فوزية عبدالعليم.. فنانة وعازفة وناشطة سياسية تخلت عن موهبتها 20 عامًا بسبب أبنائها وتعرضت لحــادث مـميــت

مع بداية الألفية الثانية، اشتهرت في السينما بأدوار الأم العجوز خفيفة الظل مع النجوم الشباب، فقدمت شخصية “أم جاد” في فيلم “صاحب صاحبه” مع محمد هنيدي والفنان أشرف عبد الباقي عام 2002، وقبله دور “أم علاء” الحائز على جائزة “باور فاميلي” في فيلم “جاءنا البيان التالي” عام 2001، وأيضًا شاركت في فيلم “أفريكانو” بدور “أم بدر” في العام نفسه، وهي الفنانة فوزية عبدالعليم.

الفنانة الرحلة لم تبدأ في 2001 كما تشير المواقع الفنية المتخصصة، ولكنها تعود لسنوات طويلة قبل هذا التاريخ، عندما كانت “فوزية” شابة مراهقة يراودها حلم التمثيل والنجومية، فكان جسدها الممشوق وملامحها الجميلة بالإضافة إلى موهبتها الفنية كافية أن تضعها في مصاف النجوم، لكن العائلة لم ترحب بالأمر بل كانت العقبة أمامها في دخول الوسط الفني، فوالدها الأزهري وعمها عضو البرلمان لم يتقبلا أن تعمل ابنة العائلة المحافظة في التمثيل.

وأمام إصرارها لم ترضخ العائلة بشكل كامل لرغبتها، فكانت في العشرين من عمرها عندما خاضت أولى تجاربها التمثيلية بأدوار محدودة في أفلام، ثم انضمت إلى فرقة رمسيس المسرحية مع الفنان يوسف وهبى، بالإضافة إلى بعض الأدوار في الدراما التلفزيونية حتى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، وأصبحت خلال تلك الفترة عضوة بنقابة المهن التمثيلية، وفقا لما روته ابنتها الصغرى سوزان عصمت.

استراحة محاربة

بعد ما نجحت “فوزية” في وضع قدمها على أول الطريق الفني، وزاجها من رفيق دربها الدكتور عصمت عبد الكريم، وإنجابها لأطفالها الـ 3، نيفين ووحيد وسوزان، قررت التضحية من أجل رعايتهم حيث كانت الأولوية للعائلة بالنسبة لها، حسبما أوضحت سوزان، قائلة: “تخلت عن طموحها الشخصي من أجلنا، كنا المسؤولية الأولى لها فكانت أمومتها طاغية على كل شيء، فكان واجبها المقدس الذي لم تستطع التخلي عنه، وابتعدت عن التمثيل لما يقرب من 20 عاما حتى بدأنا نكبر ونعتمد على أنفسنا، ولكن طوال تلك الفترة لم تتخلَ عن حلمها بالتمثل”.

عودتها مجددًا للفن

وفي نهاية التسعينيات قابلت فوزية المخرج شريف عرفة بعد ما عملت معه في إحدى الحملات الدعائية، ورشحها لأداء دور جدة أحمد السقا في فيلم “أفريكانو” مع المخرج عمرو عرفة، ثم المخرج سعيد حامد في فيلم “جاءنا البيان التالي”، ومنحها دورا أكبر في الفيلم الثاني “صاحب صاحبه”، وخلال تلك الفترة شاركت في مجموعة كبيرة من الأفلام، بحسب حديث ابنتها.

خلال تلك الفترة كان أولادها سعداء بالنجاح الذي بدأت والدتهم تحققه، حتى لا يشعروا أنهم السبب وراء ضياع حلمها، وقالت نيفين: “كل البيت كان مرحب بعملها كنا سعداء بطموحها ولا نملك سوى تشجيعها، فكان منا من يعمل مديرا لأعمالها وآخر متخصصا لملابسها، والثالث مسؤولا عن توصيلها إلى مواقع التصوير ثم إرجاعها مرة أخرى، أو إلى المطار في حالة سفرها للخارج، وكنا سعداء بحب الجمهور لها وإقافهم لها في الشارع لالتقاط صور معها”.

التمثيل لم يكن الفرع الوحيد من الفن الذي أجادته الفنانة الراحلة، حيث أشارت ابنتها إلى أنها كانت تجيد الرسم وعزف الكمان، بالإضافة إلى كتابة الشعر فقامت بدراسة العروض والقوافي، وتحرص على حضور صالون الشاعر أحمد رامي، بجانب دراستها للغة الفرنسية.

تعرضها لحادث ممـيــت

لم تدور حياة “فوزية” في فلك الفن فقط، بل كانت واعية بالجانب السياسي وناشطة فاعلة في كل القضايا العربية، بداية من عملها في التمريض خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وخرجت في حملات للتبرع بالدم في 1973، وشاركت في كل الفعاليات الخاصة بفلسطسن والعراق وضرب جنوب لبنان، لكن في 2003 كان الحادث الذي قلب حياتها رأسا على عقب، كما تروي ابنتها الصغرى: “سافرنا إلى بغداد كدروع بشرية معترضين على ضرب أمريكا للعراق، وفي طريقنا تعرضنا إلى حادث مميت عندما انقلبت بنا الحافلة قبل الوصول إلى بغداد بـ 100 كيلومتر”.

وأصيبت الراحلة في الحادث بكسور في الضلوع ونريف بالرئة وكسر في الترقوة، وشرخ في الجمجمة، وظلت تعالج من تلك الإصابات على مدار سنوات، ومنذ ذلك الوقت تدهورت حالتها الصحية، لكنها حرصت على المشاركة في ثورة يناير، وثورة 30 يونيو بالإضافة إلى الإدلاء بصوته في الانتخابات الأخيرة بالرغم من وجودها على كرسي متحرك فإنها كانت مؤمنة بأهمية المشاركة، وكان لديها وعي سياسي كبير لما يدور حولها، بحسب ابنتها.

ورحلت عن عالمنا في 25 يوليو 2019 بعد مشوار قصير نسبيا في الفن إلا أنها تركت بصمة لا تنسى، فكان وجودها في أي فيلم بمثابة جرعة كوميدية مكثفة.

اعلانات جبنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى